اسماءعلم العقيدة عند أهل البدع:
أطلَق أهل البدع والأهواء على عِلم العقيدة بعض الإطلاقات البدعيَّة التي تتضمَّن معاني فاسدةً؛ كتسمية العقيدة بـ"عِلم الكلام"، وعِلمُ الكلام هو ما أحدثه المُتكلِّمون في أصول الدِّين مِن إثبات العقائد بالطرُق التي ابتكَروها، وأعرَضوا بها عما جاء الكتابُ والسنَّة به.
وقد تنوَّعت عبارات السلف في التحذير من الكلام وأهله؛ لما يُفضي إليه مِن الشُّبهات والشُّكوك؛ حتى قال الإمام أحمد: "لا يُفلِح صاحب كلام أبدًا"، وقال الشافعي: "حُكمي في أهل الكلام: أن يُضرَبوا بالجريد والنِّعال، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء مَن ترَك الكتاب والسنَّة، وأقبَل على عِلم الكلام"
وأُطلِق على العقيدة: "الفلسفة"، وهذا باطل؛ لأن الفلسفة بُنيَت على أقوال الناس، والعقيدة مبنيَّة على النقل مِن كتاب أو سنة، والعقيدة الإسلامية كلها حقٌّ، أما الفلسفة، ففيها الحق والباطل، وما يُسمى بالفلسفة الإسلامية هو عِلم الكلام في صورته المتأخِّرة التي تأثَّرت بالفلسفة الإغريقيَّة[.
وأُطلِق على العقيدة: الإلهيات، وهي ما يتعلَّق بذات الله - تعالى - وصفاته، وهذه التسمية فيها باطل؛ لأن الإلهيات هي الجانب الفلسفي الغَيبي المتعلِّق بالإله عند الغربيِّين، وهذا اللفظ حكمه حكمُ الفلسفة وعلم الكلام؛ لأنهم يَقصدون بالإلهيات كل كلام في غير عالَم الشهادة يتعلَّق بالله - سبحانه وتعالى - سواء في وجوده، أو في وحدانيَّته، أو في أسمائه وصفاته.
وأولئك لا يَعرفون أيَّ معنى مِن معاني الإثبات الشرعي فيما يتعلَّق بالأسماء والصفات؛ فلذلك يتكلمون فيها بالغيب وبالفلسفة، ويُسمُّون هذا كله بالإلهيات[فالمقصود بالإلهيات عندهم فلسفات الفلاسفة، وكلام المُتكلِّمين والملاحِدة فيما يتعلق بالله - عز وجل - وإلا فشيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب "الإلهيات".
وأُطلق على العقيدة: "ما وراء الطبيعة"، "ما وراء الغيب"؛ يَقصدون الغيبيَّات، وهذا باطل؛ لأنه ليس كل الغيبيات وراء الطبيعة، فكثير مِن الغيبيات في الإنسان نفسِه، لكن هم عبَّروا بما وراء الطبيعة عن الإلهيات، فسمَّوا الإلهيات: ما وراء الطبيعة وهي قريبة مِن معنى الإلهيات، ويُطلِق الناس على ما يؤمنون به ويَعتنقونه مِن مبادئ وأفكار: "عقائد"، وإن كانت باطلة أو لا تَستنِد إلى دليل عقلي ولا نَقلي
وأُطلق على العقيدة: "الفكر الإسلامي" و"التصور الإسلامي"، وهذا باطل؛ لأن الإسلام ليس مجموعة أفكار، لكنه وحيٌ منزَّل مِن عند الله، والفِكر والتصوُّر قابل للطرح والمناقَشة، قد يَصحُّ وقد لا يَصح والعقيدة الإسلامية توقيفيَّة لا مجال للرأي فيها، والفِكر والتصوُّر يَقبل الصواب والخطأ، والعقيدة الإسلامية شأنها شأن باقي الدِّين الإسلامي: العِصمة مِن الخطأ.
هذا، والحمد لله الذى بنعمته تتمُّ الصالِحات.
النهاية
بقلم الدكتور : ربيع أحمد منقول